جهينة نيوز- خاص:
منذ إسقاطها قبل نحو عشرة أيام، ما زال الجيش الأمريكي يتكتّم حتى الآن على هوية الضباط الكبار الذين لقوا حتفهم بسقوط الطائرة، بعد أن أعلنت حركة طالبان استهدافها وإسقاطها ومقتل جميع ضباط المخابرات الذين كانوا على متنها، في إقليم غزنة جنوبي أفغانستان، رغم تأكيد الكثير من المحللين والخبراء العسكريين، أن هذه الطائرة تعدّ من الطائرات الأمريكية الحديثة والمتطورة جداً، وإسقاطها يحتاج إلى منظومة رادارية وصاروخية متكاملة وحركة طالبان لا تمتلك مثل هذه المنظومة!.
وكان وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر قد أكد عقب إسقاط الطائرة أن الإدارة الأمريكية على اطلاع على التقارير التي تحدثت عن إسقاط طائرة أمريكية في ولاية غزنة في أفغانستان، رافضاً الإدلاء بتفاصيل أخرى، مشيراً إلى أن الجيش الأمريكي يحقق بالحادثة. حيث رفض إسبر حينها توضيح المزيد من التفاصيل قائلاً: "هذا كل ما أستطيع إخباره في الوقت الراهن"، مؤكداً أن البنتاغون سيُطلع وسائل الإعلام على التفاصيل فور ورودها!!.
على أن اللافت في الحادث هو ما أعلنته وسائل الإعلام الإيرانية في اليوم التالي (28 كانون الثاني الماضي) عن قتل ضابط الاستخبارات الأمريكي مايكل دي أندريا، الملقب بـ"آية الله مايك" و"أمير الظلام" و"الذئب الأميركي"، المتهم بالتخطيط لاغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، ويُعتقد أنه أشرف على مطاردة أسامة بن لادن، وعلى عمليات الطائرات الأميركية المسيّرة التي قتلت الآلاف من المدنيين والمسلّحين في أفغانستان والعراق واليمن، فضلاً عن التخطيط وتنفيذ اغتيال القائد في حزب الله عماد مغنية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
المعلومات التي وردت تؤكد أن الطائرة المذكورة والتي تتكتّم واشنطن على حمولتها التقنية والبشرية، هي من طراز (Bombardier E-11A) المتخصّصة بالاستخدامات العسكرية للمراقبة الإلكترونية وتوجيه الطائرات المسيّرة التي تُستخدم في الرصد والاغتيال، كما أنها مزودة بمعدات تجسّس ورصد وتوجيه في غاية الأهمية والسرية. وليس مستبعداً أن يكون "أمير الظلام" أو دي أندريا من بين الضباط القتلى الذين كانوا على متنها، الأمر الذي رجّحته الاستخبارات الروسية، حيث نقل موقع "قدامى المحاربين- Veterans Today" على الإنترنت عن مصادر مخابراتية روسية أن دي أندريا كان على ما يبدو من بين الضباط الذين كانوا على متن الطائرة الأميركية التي أسقطتها حركة طالبان، ولم تنفِ الولايات المتحدة رسمياً هذه الأنباء.
وإذا صحّ ما أعلنته وسائل الإعلام الإيرانية عن مقتل دي أندريا، سواء بيد مقاتلي طالبان أو عبر منظومة صواريخ خاصة ودقيقة لتنفيذ هذا الغرض زوّدت بها قوات إيرانية الحركة، فإن الحرس الثوري يكون قد أضاف رداً مدوياً آخر يستكمل ما بدأته الصواريخ الإيرانية من تدمير لقاعدة عين الأسد في العراق، والتي يتكتّم الجيش الأمريكي أيضاً وحتى اللحظة عن حجم خسائره فيها.
والمعروف عن دي أندريا أنه يعدّ من أبرز رجال الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه"، عمل لفترة طويلة على الملف الإيراني، وكلفته الإدارة الأمريكية بتصفية أسامة بن لادن عام 2011، والتعاون مع "الموساد" الإسرائيلي في اغتيال الشهيد القائد عماد مغنية في دمشق عام 2008. كما نفذ عمليات سرية كرئيس لمركز مكافحة الإرهاب في واشنطن، خلال الفترة بين عامي 2006 و2015، وخلال عهد الرئيس الأمريكي السابق أوباما كان أندريا مدير برنامج الاغتيالات، أشرف على مئات الغارات الأمريكية، بطائرات بدون طيار في باكستان واليمن، وعلى استجواب أعضاء في تنظيم القاعدة مثل زين العابدين محمد حسين المعروف بـ"أبو زبيدة"، وعبد الرحيم الناشري المتهم الرئيسي في الهجوم على السفينة الأمريكية "كول" في اليمن، وخالد شيخ محمد العقل المدبر لهجمات 11 أيلول 2001. غير أن المرحلة الأخطر هي في قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2017 تعيين مايكل دي أندريا رئيساً لعمليات التجسس الأمريكية ضد إيران التي تعتبر من أصعب أهداف "CIA" في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يشي بأن دي أندريا هو فعلياً المسؤول المباشر عن اغتيال اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ومرافقيهما، وتكتّم الولايات المتحدة حتى اللحظة على خبر مقتله في حادث الطائرة المذكورة يصبّ في خطة ترامب سحب أي ذرائع وانتقادات للكونغرس أو الشارع الأمريكي، وإسكات الأصوات التي تعالت في واشنطن وسواها، مستنكرة حماقة الرئيس الأمريكي باغتيال سليماني ورفاقه بعد وصوله إلى مطار بغداد؟.