برسم "الشؤون الاجتماعية" و"التربية" و"المحافظة"... مهنة طارئة في دمشق لا تليق بالجيل الجديد

الإثنين, 14 شباط 2022 الساعة 18:33 | تقارير خاصة, خاص جهينة نيوز

برسم

جهينة نيوز_خاص

بأعمار "مدرسية" تتراوح بين السبع سنوات والثامنة عشرة، أطفال كان من الأجدى لهم وللمجتمع والدولة أن يكونوا على مقاعد الدراسة، لكن شظف العيش والعوز والفقر والحرمان، دفعهم بالمئات نحو شوارع دمشق وأحيائها، يتنافسون على إفراغ حاويات القمامة العامرة بمختلف صنوف المهملات من علب بلاستيكية وكراتين وأكياس وثياب بالية، بل وبقايا طعام وخبز، لشحنها بشتّى الطرق إلى أماكن هي –ليست بالطبع- معامل نظامية لـ "رسكلة" الأشياء وإعادة استثمارها، وإنما مستودعات خربة، تُحشر فيها هذه البقايا لفرز ما يمكن الحصول مقابله على ليرات تُسكت الجوع هنيهات...

ومع هذه الظاهرة انتشرت وسائل شحن وتحميل غاية في البدائية، من "طرطيرات" مصنّعة محلياً، إلى دراجات عادية، إلى حبال تُشد بين فخذيْ صاحبها وهي تجر بضاعة الحاويات خلفه...!... ويا له من منظر لم يكن مألوفاً في زمن حكومات سابقة! فمواكب هؤلاء الصبية تطوف دمشق يومياً، محمّلة بكُتل القمامة، ليظهر المشهد بعد اكتماله مُخزياً متحركاً بواسطة طرطيرة او شحنة مجرورة بحبل، تتناثر منها البقايا على الطريق، تاركةً علامات لمن يريد أن يقتفي أثرها وينهي مأساة صاحبها، ولكن لا أحد يقتفي ذلك الأثر، ولتصبح هذه المهنة الطارئة الجديدة مسجلة في لائحة مهن أقدم وأعرق عاصمة في التاريخ...!...

وفوق ذلك، فقد عقد هؤلاء الصبية شبه تفاهم مع مشرفي سيارات مديرية النظافة، حيث ينتظر هؤلاء فرز الصبية للحاويات، ثم يفرغونها من القليل الذي تبقّى، ويذهب كلٌّ إلى شؤونه...

وفي "الشؤون الاجتماعية" لا ينظر الجالسون في المكاتب الفخمة إلى تلك الظاهرة على أنها ببشاعة ظاهرة التسوّل، ومع ذلك تسير الظاهرتان جنباً إلى جنب على مبدأ في الوزارة هو "لكم دينكم ولي ديني"...

أما المحافظة فلا تشتكي من الظاهرة ولم يشتك لها أحد، رغم أن لجانها الهندسية التجميلية لا تنفك تنعقد يومياً لـ "تحسين" مظهر دمشق السياحي، لدرجة التفكير برصف قعر نهر بردى بأجمل أنواع البحص الملون، وبكلفة خيالية، فماذا عن قعر المدينة وماذا عن مظهر دمشق بمواكب القمامة المتجولة العفنة؟...

أما تربوياً، فماذا سيفعل وزير التربية لو تصادف موكبه مع موكب قمامة أولئك الصبية المتسربين من المدارس في شارع ما؟... هل سيحيل الأمر إلى الثانوية الصناعية في دوما، أم سيموّل الصبية لإنتاج أنواع جديدة من الطاقة، تقلب الحاويات إلى مراكز إشعاع حضاري؟

نحن نسأل لا أكثر!


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا